كتب محمد شقير في "الشرق الأوسط":
أكد الموفد الخاص للرئيس الفرنسي إلى لبنان وزير الخارجية السابق جان إيف لودريان أن الحوار النيابي يبقى الممر الإلزامي لإخراج الاستحقاق الرئاسي من دوامة المراوحة بانتخاب رئيس للجمهورية، ويبقى المخرج الوحيد لإعادة الانتظام إلى المؤسسات الدستورية، وأن من لديه اقتراح آخر سيكتشف لاحقاً أنه الحل الواقعي الذي لا غنى عنه لوضع لبنان على سكة التعافي، كما نقل عنه النواب الذين التقوه.
ولفت لودريان، بحسب النواب، إلى أنه هو الذي طرح الحوار، وهو يلتقي مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري في الدعوة له، على أن يعقبه انعقاد البرلمان بجلسات متتالية لانتخاب رئيس للجمهورية، كاشفاً أن بري تعهد أمامه بأنه سيُبقي على جلسات الانتخاب مفتوحة، وسيقوم بكل ما في وسعه لتأمين النصاب المطلوب لاستمرار الجلسات إلى حين انتخاب الرئيس، ولن يسمح بتعطيل النصاب.
وقال لودريان إن هناك ضرورة للتعاطي بواقعية مع الدعوة للحوار، وذلك في ردّه على النواب المنتمين إلى قوى المعارضة، ومن بينهم النواب التغييريون الذين اعتبروا أن هناك مخالفة دستورية على خلفية إعطاء الأولوية للحوار بدلاً من أن تكون لانتخاب الرئيس تطبيقاً لما ورد في الدستور.
وأيد لودريان مطالبة عدد من النواب بأن هناك ضرورة لاختصار المدة الزمنية التي حدّدها بري للحوار، على أن تليها جلسات متتالية لانتخاب الرئيس طالما أن الحوار لن يؤدي إلى إعادة خلط الأوراق لجهة حصول تبدّل في مواقف النواب، وبالتالي من الأفضل اختصارها للولوج فوراً إلى انتخاب الرئيس.
وشدد لودريان، كما نقل عنه النواب، على أن اللجنة الخماسية، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، تؤيد بلا شروط الدعوة للحوار، واصفاً الاجتماع الذي عُقد في باريس بين المستشار في رئاسة مجلس الوزراء السعودي نزار العَلَوْلا، والسفير السعودي لدى لبنان وليد البخاري، وبين المستشار الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل، وبمشاركته شخصياً في اللقاء، بأنه أكثر من إيجابي.
دعوة بخاري
واعتبر لودريان أن دعوة السفير النواب السُّنّة للقاء يُعقد (الخميس) في دارته في اليرزة، وبحضوره ومفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، تأتي في سياق التأكيد السعودي على أهمية الحوار كمدخل لانتخاب الرئيس، وهذا ما سيسمعه النواب السُّنة من السفير البخاري، كما نقل عنه النواب، للتأكيد على أن دعوته للحوار تحظى بتأييد الدول الأعضاء في اللجنة الخماسية وعلى رأسها السعودية، إلى جانب الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا ومصر وقطر.
ومع أن لودريان تجنّب الدخول في أسماء المرشحين لرئاسة الجمهورية، تاركاً القرار للنواب، فإنه في المقابل أكد للذين التقاهم أن الحوار لن يؤدي إلى تعطيل انتخاب الرئيس، وبالتالي لا يؤدي قول عدد من النواب، ومن بينهم التغييريون، إلى أن بري يتذرّع بالحوار لتعطيل انتخاب الرئيس. ولمح أمام النواب التغييريين إلى أن هناك أسماء متداولة لمرشحين قد تكون خارج السباق، لكن كلمة الفصل تبقى ملكاً للنواب، فيما نقل عدد آخر من النواب عن لودريان قوله: "بما أن المجلس سيعقد جلسات متتالية، فلا بد من البحث عن مرشح ثالث غير رئيس "تيار المردة" النائب السابق سليمان فرنجية والوزير السابق جهاد أزعور، لصعوبة وصول أي منهما إلى الرئاسة وعدم تمكن أي منهما من الحصول على الأصوات الكافية لانتخابه رئيساً".
ودعا لودريان النواب إلى التصرُّف بمسؤولية حيال الحوار الذي يُفترض أن يؤدي حتماً إلى انتخاب الرئيس، بذريعة أن لبنان لم يعد يحتمل الدوران في حلقة مفرغة، وأن هناك ضرورة لانتخاب الرئيس اليوم قبل الغد، «لأن عامل الوقت لن يكون لصالح بلدكم الذي يعاني من تراكم الأزمات، وبات عليكم إعادته وقبل فوات الأوان إلى خريطة الاهتمام الدولي».
ولم يُعرف حتى الساعة رد فعل المعارضة، ومعها عدد من النواب التغييريين والمستقلين، على تمسك لودريان بالحوار الذي يشكل، من وجهة نظره، خريطة الطريق للعبور بلبنان إلى مرحلة التعافي التي لن ترى النور ما لم يتوقف مسلسل تعطيل انتخاب الرئيس.
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية أن النواب الذين كانوا سجّلوا اعتراضهم على رسالة لودريان، في مقابل إعطاء الأولوية لانتخاب الرئيس، سيجرون تقويماً للقاءاتهم بالموفد الفرنسي تمهيداً لاتخاذ موقف من دعوته للحوار.
وكشفت المصادر النيابية أن لقاء لودريان بالرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، في حضور نجله رئيس «اللقاء الديمقراطي» تيمور جنبلاط والنائب وائل أبو فاعور، وإن كان انتهى إلى التوافق بلا تردد على الحوار كمدخل لانتخاب الرئيس، فإن جنبلاط الأب كرر موقفه بضرورة انتخاب رئيس لديه القدرة على جمع اللبنانيين ولا ينتمي إلى فريق سياسي معين يمكن أن يشكّل تحدّياً للآخرين، وقالت بأن المواصفات التي رسمها جنبلاط الأب للرئيس العتيد لا تنطبق إلا على شخصية توافقية وليست استفزازية.
نواب التغيير
وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» من المصادر نفسها أن النواب بولا يعقوبيان، ونجاة صليبا عون، وإبراهيم منيمنة، وياسين ياسين، كانوا التقوا لودريان وبحثوا معه الدعوة للحوار والجدوى منها.
وقالت المصادر النيابية بأن اللقاء اتسم بصراحة متناهية، وأن النواب الأربعة ومعهم زميلهم ملحم خلف سيجرون اتصالات بعدد من زملائهم، أكانوا من المنتمين إلى «قوى التغيير» أم الكتل النيابية والمستقلين، بغية بلورة موقف من الدعوة للحوار، وأكدت أنهم يميلون للانضمام إلى المدعوين للحوار، لكن لا يوجد شيء نهائي حتى الساعة ريثما يحصلون على بعض الاستيضاحات المتعلقة بالإطار العام للحوار، ومنها إمكانية اختصار المهلة التي حددها بري، طالما أنها لن تقدّم أو تؤخّر، لأن ما كُتب بالنسبة لخيارات النواب قد كُتب، وبالتالي لا ضرورة لاستمرار الحوار لأسبوع تليه عقد جلسات متتالية لانتخاب الرئيس.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك