أقام السفير الصيني في لبنان تشيان مينجيان وعقيلته حفل استقبال، في الذكرى الرابعة والسبعين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، في حضور النائب علي عسيران ممثلاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، نائب رئيس مجلس الوزراء سعادة الشامي ممثلاً رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وعدد من الوزراء والنواب والسفراء والقناصل، وممثلين للقيادات العسكرية والامنية وحشد من الشخصيات السياسية والدبلوماسية والاجتماعية.
بعد النشيدين الوطني اللبناني والصيني ألقى مينجيان كلمة قال فيها: "في غضون السنوات الأربع والسبعين الماضية، حققت الصين اختراقا تاريخيا من حالة التخلف النسبي في القوى المنتِجة إلى احتلال المركز الثاني في العالم من حيث إجمالي الحجم الاقتصادي، وحققت قفزة تاريخية في معيشة الشعب من نقص الكساء والغذاء إلى الرغد العام ثم الاتجاه إلى الرغد الشامل، واستقبلت طفرة عظيمة حيث وقفت على قدميها ثم أثرت وبدأت تقوى. منذ بداية هذا العام، استمرّ الاقتصاد الوطني الصيني بالتعافي، حيث سجّل الناتج المحلي الإجمالي في النصف الأول من هذا العام نموًا بنسبة 5.5 في المئة مقارنة بالعام الماضي".
وأضاف: "يصادف هذا العام الذكرى الخامسة والأربعين لنتفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح. على مدى هذه السنوات، إن الصين عازمة على توسيع انفتاحها على العالم الخارجي، وتعميق التعاون الاقتصادي والتجاري الدولي المتبادل المنفعة، وتعزيز الإصلاح والتنمية من خلال الانفتاح الرفيع المستوى، حقّقت إنجازات عظيمة في مجال التنمية، كما شاركت فرص التنمية بشكل كامل مع الدول الأخرى في عملية الانفتاح. منذ قترة قصيرة، أكّد الرئيس الصيني شي جين بينغ في خطابه، في معرض الصين الدولي لتجارة الخدمات لعام 2023، أنّ الصين ستصرّ على تعزيز الانفتاح الرفيع المستوى، وتعزيز التحديث الصيني النمط من خلال التنمية العالية الجودة بشكل شامل، وتوفير فرص جديدة للتعاون المنفتح بين الدول".
واستطرد: "كما يصادف هذا العام الذكرى السنوية العاشرة لمبادرة الحزام والطريق. وعلى مدى السنوات العشر الماضية، أصبحت مبادرة الحزام والطريق منصة تعاون دولية مفتوحة وشاملة ومتبادلة المنفعة ومربحة لجميع الدول. ووقعت أكثر من مئة وخمسين دولة، بينها لبنان، وأكثر من ثلاثين منظمة دولية على وثائق التعاون لمبادرة الحزام والطريق. استثمرت الصين في أكثر من 3000 مشروع، وارتفع حجم تجارتها مع الشركاء من تريليون دولار أميركي في العام 2013 إلى تريليوني دولار، مما شكّل نمط الانفتاح على العالم الخارجي بنطاق أكبر ومجال أوسع ومستوى أعمق. في الشهر المقبل، ستستضيف الصين الدورة الثالثة لمنتدى "الحزام والطريق" للتعاون الدولي. وترغب الصين في العمل مع لبنان والدول الأخرى على طول طريق الحرير لالتزام بمفهوم التعاون المتمثل في التشاور والتشارك والتقاسم، وتمهيد طريق التعاون هذا الذي يعود بالمنفعة على العالم بشكل أوسع وأبعد".
وقال السفير الصيني: "في تشرين الأول من العام الماضي، انعقد المؤتمر الوطني العشرين للحزب الشيوعي الصيني بنجاح، وتمّ الإعلان بوضوح عن المهمة المحورية للحزب الشيوعي الصيني هي الاتحاد مع أبناء الشعب بمختلف قومياتهم في كل البلاد وقيادتهم لإنجاز بناء دولة اشتراكية حديثة قوية على نحو شامل وتحقيق هدف الكفاح الواجب إنجازه عند حلول الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، ودفع النهضة العظيمة للأمة الصينية على نحو شامل بالتحديث الصيني النمط. تطلعًا إلى المستقبل، إنّ أساسيات النمو الاقتصادي الطويل الأجل في الصين لن تتغير، والنهضة العظيمة للأمة الصينية لن تقاوم ولا رجوع فيها".
وتابع: "يشهد الوقت الحاضر تغيرات عالمية وعصرية وتاريخية لم يسبق لها مثيل. وقوفا على مفترق طرق التاريخ، اقترح الرئيس الصيني شي جين بينغ مفهوم بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية الأمر الذي ساهم بالحكمة الصينية في الاستجابة بشكل مشترك للتحديات العالمية وتوفير مستقبل أفضل للبشرية.. كما تُقدّم مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية التي اقترحها الرئيس شي جين بينغ حلولًا صينية لدفع التنمية العالمية وتعزيز الأمن المشترك وتقوية التبادلات والتعلم المتبادل بين الحضارات".
وأكد: "لطالما كانت الصين بانية للسلام العالمي، ومساهمة في التنمية العالمية، ومدافعة عن النظام الدولي. وفي بداية هذا العام، نجحت الصين في تشجيع السعودية وإيران إلى إجراء حوار في بكين لتحقيق المصالحة، مما أطلق "موجة من المصالحة" بين دول المنطقة. وفي الشهر الماضي، استقبلت مجموعة البريكس ستَّ دول أعضاء جديدة، من بينها المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات العربية المتحدة وإيران، مما ضخ حيوية جديدة في المجموعة، ودفع تعزيز السلام والتنمية العالميين بشكل أقوى".
وأضاف: "تجمع بين الصين ولبنان صداقة تقليدية. فمنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية، على مدى السنوات الخمسين الماضية، تمّ توطيد الثقة السياسية المتبادلة بين البلدين بشكل متواصل، وما زالت العلاقات الودية بين الجيشين تتعمق بشكل مستمر. قد أسفرت التبادلات والتعلم المتبادل في مختلف المجالات مثل الثقافة والتعليم والعلوم والتكنولوجيا والرياضة عن نتائج مثمرة. وتعتبر الصين إحدى أكبر الشركاء التجاريين للبنان وأكبر مصدر لوارداته. منذ عام 2006، شاركت الصين بنشاط في عمليات حفظ السلام في جنوب لبنان، حيث أرسلت عشرين دفعة من قوات حفظ السلام تضمّ أكثر من 7000 فرد، وأنجزت بنجاح مهام عديدة مثل إزالة الألغام والبناء والصيانة وتقديم المساعدات الطبية وغيرها. وفي كانون الأول الماضي، اجتمع الرئيس الصيني شي جين بينغ مع رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي خلال القمة الصينية العربية الأولى، ما ضخ زخمًا جديدًا في العلاقات بين البلدين. وفي النصف الأول من هذا العام، بلغ حجم التجارة الثنائية بين الصين ولبنان 1.22 مليار دولار، بزيادة سنوية قدرها 1,2 في المئة. قد تمّ وضع الغطاء الهيكلي لمشروع مبنى المعهد الوطني اللبناني العالي للموسيقى "الكونسرفتوار" المموّل بهبة من الصين، ودخل الآن مرحلة تزيين الواجهة الخارجية والديكور الداخلي. ومع التحسين المستمر لسياسة التأشيرات الصينية، أصبحت عملية تبادل الأفراد بين الصين ولبنان وثيقة أكثر، وستبذل السفارة الصينية في لبنان قصارى جهدها لضمان قنوات الذهاب إلى الصين للأصدقاء من مختلف البلدان في لبنان، وضمان توفير المزيد من التسهيلات لتحقيق التبادلات السلسة بين الأفراد الصينيين والأجانب. وأنا سعيد جدًا برؤية المزيد من الشباب في لبنان بدأوا بتعلم اللغة الصينية".
وأعلن: "في المرحلة المقبلة، ترغب الصين في العمل مع لبنان لتنفيذ التوافق الذي توصل إليه قائدا البلدين، ودعم الحفاظ على سيادة لبنان واستقلاله وسلامة أراضيه، ودعم لبنان في الحفاظ على سلام الوطن واستقراره؛ وتعزيز التنسيق والتعاون مع لبنان في المناسبات الدولية المتعددة الأطراف لحماية الإنصاف والعدالة الدوليين، ومواصلة أداء مهمة حفظ السلام بأمانة والمساهمة بالقوة الصينية في الحفاظ على السلام في لبنان ودول المنطقة؛ و تعزيز الالتقاء بين مبادرة (الحزام والطريق) وخطة التنمية في لبنان، والتحسين المستمر لمستوى التعاون المتبادل المنفعة بين الصين ولبنان، والعمل بشكل مشترك على تعزيز التنمية السريعة والطويلة الأجل للصداقة بين الصين ولبنان!".
وختم: "سيحتفل لبنان قريبًا بالذكرى الثمانين لاستقلاله، فأودّ أن أقدّم تهانيَّ الحارة للشعب اللبناني في قدوم هذه المناسبة. وعلى الرغم من أنّ لبنان يواجه تحديات متعددة، إلا أنني أَثِقُ بشدة أنّ الشعب اللبناني المحب للسلام سيكون قادرًا على العمل معًا للتغلب على الصعوبات والسعي إلى مستقبل سلمي وآمن ومزدهر. وستحتفل الصين بمهرجان منتصف الخريف الصيني التقليدي بعد ثلاثة أيام، فاسمحوا لي أن أرسل تهاني العيد باللغة الصينية إلى المواطنين الصينيين في لبنان...".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك