ترأس راعي أبرشية بيروت المارونية المطران بولس عبد الساتر، يعاونه لفيف من الكهنة، صلاة الجناز لراحة نفس الاعلامية جيزيل جورج قزي أرملة الشهيد سمير قصير، في كاتدرائية القديس جاورجيوس وسط بيروت.
حضر الجناز ممثل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وزير الاعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري، نائب الامين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط السفير حسام ذكي، النائب جورج عقيص ممثلاً رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، ممثل المدير العام للامن العام بالانابة اللواء الياس البيسري العقيد عصام سعادة، المستشار الاعلامي في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا، شخصيات رسمية وسياسية واعلامية واجتماعية.
بعد تلاوة الانجيل المقدس، ألقى عبد الساتر كلمة تعزية باسمه وباسم الاباء، تناول فيها "جرأة ونضال الاعلامية الراحلة وقدرتها على تحمل الصعاب ببسمة وقوة"، مُعدداً التضحيات التي قدمتها والصعاب التي تحملتها على المستويات كافة.
ثم قال الأب ريشار أبي صالح: "حقيقة الانسان في داخله وفي تجلياته أكبر وأهم من الكلام، ويبقى الكلام دائما ما دون ما يُعبّر عنه".
وأضاف: "نجتمع اليوم حول المسيح القائم من الموت، نحمل معا من حملتنا طويلا في قلمها وفكرها، قلبها وأناقتها، نحمل جيزيل في صلاتنا، ونستودعها بين يدي الرب يسوع سائلين أن يغفر لها ويتوج حياتها بالحياة الجديدة".
وتابع: "نشكر جيزيل على نواح ثلاث في حياتها وهي: جيزيل الاعلامية، جيزيل الملتزمة بالانسان والمناضلة من اجل الحرية وجيزيل الأم. جيزيل الاعلامية التي لم تنكفئ يوما عن تأدية رسالتها وكانت الاعلامية الحرة في وجه القمع وآلة القتل، في زمن غابت عنه كل المعايير وضاعت الاحلام. كانت جيزيل مثل طائر الفينيق حيث اختارت الحياة بوجه كل أشكال الموت. كانت أنيقة الروح والفكر أنيقة القلب والجسد، أنيقة الحرف المناضل والكلمة الحرة. قدمت لنا الاجود بطلاقة وسلاسة، قدمت لنا الأفضل بابتسامة كريمة راقية".
وأردف: "جيزيل الملتزمة بالانسان، ناضلت كزوجها سمير قصير ومعه من أجل السلام والكرامة والحرية، رفعت الراية في قلب المعركة، وعندما كاد أن ينكسر حلمها مع اغتيال زوجها وحبيب قلبها سمير عرفت أن تقوم قوية بالرغم من كل الجراح، وجعلت من مؤسسة سمير قصير المدى الحيوي للمواهب الشابة". نضالها لم يعرف العنف إنما الحزم وعدم تلوين قلمها وفكرها مع هوى الايام".
وختم: "نضالها لم يعرف الالغاء إنما الحوار المؤمن بالتعددية. نضالها لم يعرف السلاح، سلاحها فقط كان الفكر والقلم. نضالها لم يعرف الفساد كانت حرة طليقة الكلمة واليدين".
من جهته، ألقى مالك مروة كلمة "مؤسسة سمير قصير" قال فيها: "كلمات قلب لم يعد يحص الذين ودعهم. أهلي وأصدقائي وزملائي، كثر كثر صاروا هناك. وها أنت تنضمين إليهم. إلى أجمل الناس. إلى من كانوا الحلم. هل أعاتبك؟ هل أنزوي بانتظار وداع آخر ودمع أبى أن يجف؟".
وأضاف: "يعرفك الكثير من الناس مبدعة في طرح الأسئلة. لكن ما يميزك حقيقة، هو وضوح الجواب. جيزيل، لا تعاتب، لا تنزوي. لم نبن معها كل شيء ليهدمه الوداع. لم ننشء مؤسسة رايتها الحرية ليشلها رحيل. لم ننشء مؤسسة مجالها الثقافة لتوقفها دموع. وأنت التي قلت "الثقافة والحرية ليستا ترفا. الثقافة والحرية ضرورتان". الحرية التي "من جمالها أنها قادرة على هز العالم، وأنها ما إن تنادينا حتى نشعر برغبة ملحة في تلبية ندائها، وأنها هي وحدها ما يجسد الإرادة".
وتابع: "رسمت خارطة طريق مؤسسة سمير قصير عندما طرحت الأسئلة التالية: "من يخشى الحرية؟ حقا، من يخشى مجرد كلمة؟ رأي؟ فيلم؟ مقالة؟ أو حتى أغنية؟ والأهم من ذلك، لماذا يخشونها؟". وأجبت: "الطاغية، لأنها تهز عرشه وتهدد سلطته. المجرم، لأن الحقيقة تدينه. المؤسسات التقليدية، التي فقدت كلماتها قدرتها على الإقناع. الضعيف، الذي يعيش وهم القوة. عندما يحيط بنا هؤلاء من كل جانب، أيجدر بنا الالتزام بالصمت؟" الصمت لا يشبهك. فأنت دائما رفضت السكوت".
وأردف: "لم تلتزمي الصمت بعد اغتيال سمير قصير، لم ترغبي في إنشاء مؤسسة تشبه الكثير غيرها، مكرسة لإحياء ذكرى أناس مروا في حياتنا، بل مؤسسة تنهل قوتها من القيم التي جمعتك بسمير قصير في نضاله ضد الترهيب، والتهديد، والتسويات، نضال من أجل الحرية وتجدد الفكر النقدي في العالم العربي، نضال كلفه حياته. نضال، من أجل اختراع الغد العربي. "غد يحرر الكلمة وينهي أسباب الخوف. غد، سجونه لا يدخلها أحد جراء فكر أو موقف. لا يموت أبناؤه في بحر ابتلع أجمل الأحلام، وللمرأة فيه حرية الجسد والحلم والقرار. غد، لا يحرق أولاده في أتون حروب الإبادة، ونار الحركات الظلامية، ويكسر فيه الحب كل حالات الحصار، ويصلح ما دمرته عقود الفساد".
وختم: "لن ننتظر وداعا آخر يا جيزيل، سنظل نعمل لهذا الغد الذي يليق بك، نبنيه كل يوم، متسلحين بابتسامتك وبوضوح رؤيتك وبنبض الحياة الذي كنت تنشرين بيننا، رسمت للحرية أيقونة، هي سمير قصير، ولم تدركي أن في الأيقونة ايضا مرآة وجهك".
وتليت كلمة قصيرة من الكاتب الياس الخوري الذي تعذر عليه الحضور لدواع صحية.
وحضر لتقديم التعزية لعائلة الرحلة في قاعة الكنيسة قبل صلاة الجناز: الرئيس ميقاتي، النواب: مروان حمادة، وضاح الصادق، ميشال معوض، مارك ضو، نديم الجميل، ملحم رياشي، الان عون، ميشال دويهي، سيمون ابي رميا، زياد حواط، ابراهيم منيمنة، فراس حمدان، نجاة عون، فيصل الصايغ، بولا يعقوبيان، جورج عقيص، الوزراء السابقون: طارق متري، مي شدياق، ايلي سالم، زياد بارود ووديع الخازن، النواب السابقون: بهية الحريري، نعمة الله ابي نصر، الياس عطالله وباسم الشاب، السفير نواف سلام، انطوان حداد، مجد بطرس حرب، سمير لحود، أمين السر العام في الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر ونورا جنبلاط.
ووصلت أكاليل من الورد أبرزها من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، النائب نعمة الله افرام، النائب السابق هادي حبيش، رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع والسفير نواف سلام.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك