كتبت سينتيا سركيس في موقع mtv:
منذ الصباح الباكر وحتى ساعات الليل، يتابع اللبنانيون تطوّرات الحرب في غزة، وما يحصل من هزات ارتدادية على جبهتنا الجنوبية... ينظرون إلى المآسي التي لحقت بالفلسطينيين ويخافون أن ينتقل السيناريو نفسه إلى لبنان، بلدهم المنهار والمكسور تماما كحالهم. هذه الصورة المقيتة للحرب حاول رئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب كميل شمعون إظهارها بمنشور على منصة "إكس" قبل أيام، لتُشنّ عليه حربٌ من نوع آخر، لاتهامه بمحاولة تأجيج النفوس وإعادة فتح جروح الحرب.
"من تخونه الذاكرة يخونه المستقبل" بهذه الكلمات بدأ شمعون منشوره، وأضاف: "نتذكر لنتعلم ان الحرب تعني الموت والدمار ويدفع ثمنها الغالي الابرياء والمساكين. نتذكر الحرب اللبنانية وشهداءنا لنتعلم عدم الانجرار في المغامرات غير المحسوبة والآثمة التي يشنها محور غريب عن فكرنا وثقافتنا بأهدافه المشبوهة.
نستعيد صور شهدائنا متعاطفين مع اخوتنا أبناء فلسطين وأطفالها الابرياء العزّل، لنتعلم كيف نحافظ عليهم ونحميهم لا ان نتوه في صراعات تفوق قدرة الشعبين الفلسطيني واللبناني على التحمّل.
صورة مجزرة الدامور تذكرنا بتاريخ اسود لا نرغب بالعودة اليه ولنتعلم ان قرار الحرب والسلم لا يجب ان يكون بيد حزبٍ او فئة بل ان قراراً بهذا الحجم وما يرتبه من نتائج كارثية يجب ان يكون بيد الدولة وحدها وسلطاتها الشرعية.
نستعيد صور الماضي لنتعلم كيف نبني مستقبلاً آمناً يحمي لبنان وفلسطين على حدٍ سواء ويحقق اهدافهم بأرضهم وسيادتهم عبر اقامة دولتين مستقلتين خاضعتين للشرعية الدولية واتفاقيات أوسلو ومدريد وقرارات القمة العربية وذلك بعيداً عن اخطاء خبيثة تخدم العدو لقتل اطفالنا والاستيلاء على ارضنا وحقوقنا وثرواتنا".
بصريح العبارة يقولها شمعون: "أهالي غزة هم أوّل ضحايا حركة حماس التي لم تحتسب جيّدا فاتورة الحرب التي دخلتها والتي سبّبت ردة الفعل الاسرائيلية هذه"، ويضيف في حديث لموقع mtv الالكتروني: "نحن لسنا مع المجازر بحق الفلسطينيين ولا يمكن الوقوف على الحياد أمام قتل الأبرياء إن كان في غزة أو في أي مكان آخر"، لكنه يشدد في الوقت نفسه على أنه لا يجب ان تتقدّم القضية الفلسطينية على شؤوننا في لبنان المتردية أساسا، ويسأل: "هل لا يزال لبنان أولا بالنسبة لبعض من كان ينادي بهذا الشعار أو بات ثانيا أو ثالثا"؟
يستعيد شمعون في حديثه حال اللبنانيين أيام الحرب والمعاناة التي لم يحمل لواءها أحد، ويقول: "تريدون تحرير فلسطين اليوم وإطلاق الجهاد من لبنان، بينما لم يحرّك أحد ساكنا من أجلنا في الماضي حينما تعرّضلنا للمجازر والحروب، ولم يجعلنا أحد قضيّته؟ وحتى يومنا هذا لا يزال هناك مهجّرون لم يستطيعوا العودة إلى بلداتهم في الشوف وعاليه مثلا".
لا يتردّد شمعون بالإشارة إلى تشابه السيناريوهات بين العام 1975 واليوم، خصوصا لناحية تقاعس الدولة اللبنانية عن اتخاذ قرارات حاسمة، إضافة إلى التفلت الفلسطيني الذي نشهده إن كان مع المشاهد الاخيرة من تكسير وإحراق للممتلكات من دون محاسبة "علما أن طريق فلسطين لا تمرّ بمناطقنا" على حد تعبيره، أو الحروب التي تشهدها المخيمات بين الحين والآخر والتي رأينا آخرها منذ فترة قليلة والتي أرعبت أهل صيدا.
"بيكفّي عنتريات، لبنان ليس مسرحًا لتصفية الحسابات ولسنا مجبرين أن ندفع ثمن حروب غيرنا"، يقول شمعون، ويضيف: "للأسف كل الاحتمالات واردة اليوم، ولا نجد أحدا يعمل لتجنّب هذه الحرب، رغم أن لبنان لا يحتمل ضربة مثل تلك التي نراها في غزة، فلا مستشفيات لدينا ولا أدوية ولا كهرباء".
كلام شمعون قد يكون وقعه ثقيلا على من يعتبرون القضية الفلسطينية قضيتهم الأكبر ولا يتردّدون في التعبير عن جهوزيتهم للانخراط في الحرب، غير أنه تجسيد لواقع أسود قد يُحكم علينا بين لحظة وأخرى حينما يقرّرون إدخالنا في حربٍ، سيكون الخاسر الاكبر فيها ما تبقّى من هذا البلد.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك