كتبت آمال خليل في "الأخبار":
لم ينل العدو الإسرائيلي مراده من مجزرة سيارة عيناثا بتخويف أهالي البلدات الحدودية من التنقّل بسياراتهم. في تشييع شهيدات المجزرة الأربع، أمس، ضاقت الطريق من مستشفى صلاح غندور في بنت جبيل إلى بليدا بسيارات المشيّعين. للمرة الأخيرة، خرجت سميرة أيوب (63 عاماً) من منزلها أمس. ليس إلى سوق بنت جبيل أو عيترون ورميش لتبيع منتجاتها من المونة البلدية، بل إلى جبانة بليدا مع حفيداتها، بنات ابنتها هدى حجازي، ريماس وتالين وليان شور. جسد عبد النبي حجازي النحيل لم يسعفه للحاق بالجموع خلف النعوش الأربعة من منزله إلى الجبانة التي تقع عند طرف بليدا، قبالة موقع بياض بليدا ومستعمرة يفتاح الإسرائيلييْن. غادرت الحشود وبقي معه عدد من الأقارب يؤازرونه وهو ينتحب أمام حاكورة الخضر والورد التي كان يزرعها مع رفيقة دربه منذ 45 عاماً. أبو عدنان وأمّ عدنان كادحان، ربّيا ثلاثة شبان وابنة. يزرعان أرضهما الصغيرة لينتجا منها مونة يعتاشان من بيعها. يصرخ أبو عدنان منادياً على النعوش: «خذوني معكم»، قبل أن يختنق بحسرته: «الله يهدّك يا إسرائيل».
في 11 آب 2006، استشهدت نجمة حسن، ابنة شقيقة سميرة أيوب، في مجزرة في بلدة معروب، عندما دمّر العدو مدرسة المبرات على الملجأ الذي كانت تحتمي فيه مع أطفالها حيدر وإسراء وزهراء. حينذاك، افتتحت نجمة وأطفالها الجبانة نفسها التي دُفنت فيها أمس خالتها سميرة وأحفادها.
يحمل سمير أيوب، شقيق سميرة وخال نجمة، ما بقي من أغراض الشهيدات الصغيرات: دفتر المدرسة والحقيبة، إذ كنّ يتحضّرن مع والدتهن للنزوح إلى بيروت والالتحاق بمدرسة هناك للتعويض عن أيام إقفال المدارس الحدودية بسبب العدوان الإسرائيلي. يتحسّر أيوب لأن الاحتياطات التي اتّخذها لم تشفع للصغيرات وجدّتهن. كانت طائرة استطلاع تحوم فوق الحي حيث تسكن شقيقته في بليدا، فأشار على الصغيرات بأن يصعدن إلى ظهر السيارة قبل الانطلاق لترى المُسيّرة أنّهن طفلات. لكنّ ذلك لم يحل دون قصفهن تماماً كما لم يحل دون قصف أقرانهن في غزة. لا تغيب عن أذنَي سمير العبارات الأخيرة لابنة أخته هدى: «يا خالو... الولاد»... قبل أن تفقد الوعي.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك