جاء في "الأخبار":
بهدف تمويل كلفة المنتج التي تُدفع بالدولار الفريش، قرّر مجلس إدارة هيئة إدارة السير استحداث بدلات تضاف إلى الرسوم الموضوعة على خدمات الهيئة للعموم بمعدل أقصاه 36 ضعفاً. واستندت الهيئة إلى رأي من ديوان المحاسبة يتيح لها ذلك، إذ ينصّ على أنّ «هيئة إدارة السير، هيئة مستقلّة وعليها تمويل نفسها بنفسها، في حين أن الرسوم القانونية متدنّية لدرجة تعرّضها للإغلاق في حال لم تُعدّل، وتضرب مبدأ استمرارية المرفق العام».
وبحسب اللوائح الصادرة عن الهيئة فإن قيمة البدلات حُدّدت على النحو الآتي: رخصة سوق: 1.800.000 ليرة، رخصة السير: 1.400.000 ليرة، لوحتا تسجيل: 1.800.000 ليرة، لاصقة إلكترونية: 1.000.000 ليرة، رخصة سوق (تجديد، بدل عن ضائع أو تلف): 1.800.000 ليرة، رخصة سوق دولية: 1.500.000 ليرة، استمارة رخصة سوق للخارج: 500.000 ليرة.
أتى هذا القرار بعد توقّف دام لأشهر عن إصدار أي دفتر سوق أو لوحة تسجيل وسواهما، بسبب خلافات حول تطبيق العقد الموقّع بين الهيئة والشركة الملتزمة «إنكريبت». ففيما طالبت الشركة بتسديد فواتيرها بالدولار وفقاً لبنود العقد، تبيّن أنه ليس بإمكان الهيئة تسديدها بسبب عدم توافر الاعتمادات المالية في موازنتها. وهذه الخلافات لم تُعالج إلا بشكل جزئي عندما طلب وزير الداخلية بسام المولوي من ديوان المحاسبة رأياً استشارياً بشأن العقد مع الشركة الملتزمة، فأصدر الديوان رأياً يقضي بأن تُحتسب الأكلاف المترتّبة للشركة على أساس القرار الحكومي الرقم 13 الصادر في عام 2022 الذي يميّز في العقود الموقّعة بين القطاع العام والشركات الخاصة، بين كلفة التوريد التي تُدفع بالدولار الفريش وكلفة التشغيل التي تُدفع بالليرة. لكن هذا الرأي لم يأخذ في الاعتبار بنود العقد الموقّع بين الشركة والهيئة، إذ ينصّ على أن الشركة لا يمكنها إصدار أي فواتير متعلقة بالتشغيل والتوريد والبرمجة وسواها من الخدمات الداخلية، بل هي تصدر فواتير ربطاً بكمية المنتج النهائي المقدّم للعموم، أي إن الفاتورة يجب أن تكون مرتبطة بإصدار عدد معين من رخص السوق مثلاً أو دفاتر السيارات أو اللوحات واللواصق الإلكترونية وسواها.
حتى الآن لم يُعالج هذا الجانب من المشكلة بين الشركة والهيئة، إذ يصرّ رئيس مجلس الإدارة المكلّف القاضي مروان عبود، على أن تقدّم الشركة فواتيرها وفق ما يتيح له احتسابها على أساس معادلة القرار الحكومي الرقم 13، بينما تصرّ الشركة على أن الأمر مخالف للعقد. لذا، فإن المتوجبات السابقة للشركة عن عامي 2020 و2021 والتي تبلغ قيمتها وفق الأسعار غير المصحّحة تبعاً لتطوّر سعر الصرف نحو 60 مليار ليرة (تدّعي الشركة أن قيمتها 8 ملايين دولار)، ما زالت عالقة بانتظار العلاج القانوني. لكنّ الأمر لا يتعلق فقط بمعالجة النزاع المالي الناشئ عن الفواتير السابقة، إذ إن قرار الهيئة باستحداث بدلات إضافية يدفعها المستهلك لا يؤمّن سوى التمويل لاستمرار عمل الهيئة من دون أن يعالج آلية الفوترة والتسديد والعلاقة بين الطرفين. وهذا الأمر يجعل فتح أبواب مصلحة تسجيل السيارات للعموم، في مسار غير مستقرّ، فضلاً عن أنه يضيّق الخيارات المتاحة بين الهيئة والشركة: إما أن توافق الشركة على قبض مستحقاتها وفق القرار (13) وأن تخاطر في مخالفة بنود العقد، علماً أن هناك شركات جاهزة للحلول محلّها، أو أن يؤخذ رأي مجلس شورى الدولة لتحديد ما ينطبق على الفواتير الصادرة وفقاً للعقد من توريد تتقاضاه الشركة وفق سعر صيرفة أو السعر المعتمد رسمياً للدولار، وما ينطبق على الفواتير الصادرة عنها من أكلاف تشغيلية تُدفع بالليرة.
وكانت الهيئة قد أبلغت الشركة بأنها تريد بضائع تكفي لنحو ستة أشهر ضمن الكمية المنصوص عنها في العقد بينهما، وبالفعل تسلّمت «النافعة» بضائع تكفي لتيسير العمل لمدة أسبوعين. علماً أنه على مدى أكثر من أربع سنوات، تراكمت عشرات آلاف المعاملات في مصلحة تسجيل السيارات ولم تصدر أيّ رخصة سوق، ولا دفاتر سيارات، ولا لواصق إلكترونية، ولا لوحات أيضاً. كما أن الشركة سحبت موظفيها من المصلحة لشهرين كاملين في آب وأيلول ثم أعادتهم إلى العمل في مطلع تشرين الأول.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك