كتب المدير العام لوزارة الاعلام حسان فلحه في "النهار":
لاشي يعلو على فداحة القتل المتوحش في غزة الا استخدام العبارات فائقة التورية من قبل القادة الاسرائيليين وحلفائهم عند تصوير الحرب على انها بين "العالم المتحضر" وبين "البرابرة" حتى ترى إله الحرب اليوناني والوحشية العمياء والمجازر الدموية "آريس " يخاطب المجتمع الدولي بغضبه المتفلت من على ارض غزة.
رئيس الوزارء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو يحاضر في المجتمع الدولي بلكنته الاميركية عن "الفصل بين الفضيلة والرذيلة " ولا يضيره عوزا في الاستعارة والاستعانة الا بوزير الخارجية الاميركي السيد أنتوني بلينكن شاهرا يهوديته مستذكرا زوج أمّه و"معاناته " ليتحدث عن صراع بين "الحضارة والبرابرة" فكأنك تسمع هذه العبارة الاخّاذة للمرة الاولى وهي التى اطلقها اليونانيون عند الاشارة الى الاغراب بينهم او الذين لا يتكلمون اليونانية بانهم "بربروس"، فتحسب ان العالم كله مدينة فاضلة مثل Utopia افلاطون لولا تلك البقعة الرمادية المحترقة التى غدت مدينة متعددة الاطلال البشرية. هذا الفيلسوف اليوناني الذي ارتأى في خياله قبل اكثر من الفي سنة ان "الفضيلة وسطٌ بين رذيلتين "، اثار جدلا مكبوتا وخجولا عند حديثه عن اناس مدينته الطيبين الذين يعيشون بسلام وئام لا يعرفون الحقد والضغينة، واخفى سر اعترافه انها مدينة مليئة بالعبيد يساقون لخدمة هؤلاء الطيبين وانهم صنف بين البشر و دونهم. وهذا منبع تشوه المفاهيم العقائدية عندما يطغى الأقوياء، عنوة، بثقافاتهم المبنية على قواعد التأييد المطلق للعصبية التى تدفع بالمجتمعات السائدة الى الولع بجمالية الرذيلة والى فقدان الوعي وخسارة الاحساس الانسانيين ليس استحضارا للاسى ان بعض المجتمعات هي اسيرة أفكار سابقة التلقين ومعتقدات جاهزة التكوين تبتعد عن القيم الانسانية الهادفة او تقترب منها بقدر تعصبها اليها و من دون عناء التمعن بها و من دون النظر الى ماهيتها. وهي عملية انسياق نحو التمسك بالاشياء والدفاع عنها وقد لا تبذل غالبا جهودا في امعان التفكير والتمحيص والتدقيق لولا وسائل التواصل الاجتماعي. وهذا ما يجعل المجتمع كافراده، عبدا طيعا أسيرا يفقد حرية الاعتقاد ومكانة التفكير في الأمور والأشياء هذا الانسياق يحيله فاقدا لشروط انسانيته تحت وقع هذا الاستيلاب المعرفي الطاغي والمبني على محدودية في قدرة الاستيعاب والفهم والإدراك. وهذه حال ٌمن تنميط الأشياء بشكل كلي غير قابل للنقاش عند بعض المجتمعات الغربية وهذا استسلام و أوهان للفرد. ومن خلفه للكائن البشري والإنساني.
وليس عابرا عندها توالد تأويل المعايير لدى المجتمعات المكبوتة في تغليب قيم الاقوياء على اخلاقيات الضعفاء، فتحدث هذه الهوة في استهوان اللعب على مكامن التذاكي والفطنة الساذجين مام اعلام غربي يرشح مواربة واستخفافا في مقاربة المعايير الأخلاقية والقيم الانسانية والا كيف يكون "الحق لدولة في الدفاع عن النفس" مترامي المساحة الاعلامية والتغطية الواسعة، والانقباض الشديد في الحديث عن قتل شعب حتى الابادة . لم يصل العالم الى مستوى من الرداءة كما هو الان، انه عالم متوحش تستباح فيه الانسانية في غزة في ظل وجود ثمانية مليار انسان. وفيها وحدها، الموت اقصر من حبل سرة البشرية وأطول عمرا من سنوات أعمار اطفالها،على هذه الارض كل شي يموت الا الموت يبقى حيا لقد أمست بمآسيها، المدافن الخلفية للحضارة الانسانية.
اساسا، لم تعد و لم تكن غزة تختصر بحركة او تنظيم او سلطة ولكن اليقين الثابت انه على هذه البقعة انتهت قوانين العالم كله و مواثيقه ، ولم يبق الا كفن ممزق يواري كل الاحاديث عن الانسان وحقوقه وعن الديموقراطية العرجاء التى عيّرنا الغرب بها لسنوات طوال و لاذ الان بالصمت المطبق.
لقد فعلها هذا البرتغالي المتهدج الصوت انطونيو غوتيريس وتجرأ في وصف ما حصل بان "غزة اصبحت مقبرة للاطفال"، قد يكون فقد دعم ارباب "المجتمع الدولي"، ولكنه حتما اكتسب الشرعية الاخلاقية والانسانية
في نهاية رجل شجاع…
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك