كتب داود رمال في "اخبار اليوم":
دخل الاستحقاق الرئاسي في لبنان من بوابة غزة وصولا الى الجبهة الجنوبية التي تحولت طيلة الحرب على الشعب الفلسطيني الى جبهة اسناد بالاشغال وبالنار، وهذا الترابط بين الجبهتين الفلسطينية واللبنانية جعل جدول اعمال أي موفد دولي مضافا اليه بنود اساسية وحيوية.
منذ صدور القرار الدولي 1701 المتخذ بالإجماع في 11 آب 2006 والتقييم الدوري لتنفيذه، ولبنان ينتظر وضع الاجراءات العملية للبند الثامن من القرار الداعي الى الانتقال من وقف الاعمال الحربية الى وقف مستدام لاطلاق النار، وهذا لم يحصل لحد اليوم نتيجة الرفض الاسرائيلي، كون الوصول الى وقف اطلاق النار يقيّد حركتها الحربية في الاجواء والمياه والارض اللبنانية.
وقعت الحرب على غزة، ووضع قرار وحدة الساحات المتخذ من محور المقاومة والممانعة موضع التنفيذ، وكان للجبهة اللبنانية دورا اساسيا في تخفيف الضغط عن جبهة غزة، وبكلفة بشرية عالية، ومع اعلان الاتفاق عن الهدنة الانسانية وسريانها في غزة انسحبت تلقائيا على الجبهة اللبنانية، بالتوازي عادت الاصوات الداعية الى الالتزام بالقرار 1701 وتطبيق كامل بنوده.
في المعلومات التي حصلت عليها وكالة "اخبار اليوم" استنادا الى مصدر رسمي، يقول المصدر "في الزيارة ما قبل الاخيرة الذي قام بها الموفد الرئاسي الاميركي، مستشار الطاقة في البيت الابيض أموس هوكشتاين الى بيروت وتحديدا في 29 آب الماضي، خصص زيارته بجدول اعمال من بند وحيد وهو الاستثمار على الاتفاق حول الحدود البحرية المبرم بين لبنان واسرائيل بانهاء ملف الحدود البرية، استنادا الى المفاوضات التي جرت سابقا بعيدا من الاضواء في مقر قوات الطوارئ الدولية العاملة في لبنان في الناقورة من ضمن اجتماعات اللجنة العسكرية الثلاثية الاممية واللبنانية والاسرائيلية المشتركة وبمواكبة اميركية، والتي وضعت في خلالها نقاط التحفظ اللبنانية على طاولة البحث، وهذه النقاط تضم 13 نقطة تحفظ من الناقورة الى تلال كفرشوبا زائدا مزارع شبعا اللبنانية، ويومها تم الاتفاق المبدئي على 7 نقاط وبقي 6 نقاط، الا ان الاسرائيلي كعادته توقف عن متابعة البحث".
ويضيف المصدر ان "هوكشتاين طرح في الزيارة المذكورة اعادة احياء التفاوض حول الحدود البرية وفق آلية التفاوض حول الحدود البحرية، اي اعتماد الزيارات المكوكية بين لبنان واسرائيل وتبادل الاوراق وصولا الى اتفاق، ويومها سمع من الجانب اللبناني موقفا موحدا مفاده: الا مشكلة في الحدود البرية فهي مرسّمة والخرائط مودعة في الامم المتحدة، ونحن جاهزون للبحث في تثبيت هذه الحدود وليس ترسيمها، بحيث يصبح على طول الحدود خطا واحدا وهو خط الحدود المثبّت منذ العام 1923 والمؤكد عليه في اتفاقية الهدنة عام 1949، وننتهي من الخط الازرق والخط التقني والخط الاخضر، ويمكن الانطلاق من حيث تم الاتفاق عليه في الاجتماعات السابقة، وذهب هوكشتاين ولم يعد بالجواب الاسرائيلي، وتبين لاحقا ان اسرائيل تريد تغييرا في النقاط الحدودية وتحديدا في نقطتي الناقورة (B1) والعديسة، مما يشكل تغييرا واسعا لكل الحدود البرية، وانها لا زالت متمسكة بطرح تبادل الاراضي".
ويوضح المصدر انه "جاءت حرب غزة بتداعياتها اللبنانية، وثبت مرة جديدة للمجتمع الدولي ان عدم انهاء ملف الحدود البرية وفقا لما تنص عليه القرارات الدولية وخرائط الترسيم سيجعل الجبهة الجنوبية مفتوحة على كل الاحتمالات، وتحديدا اشتعالها لتتحول هذه المرة الى حرب اقليمية، فتحركت دول القرار لا سيما الدول الاعضاء الدائمي العضوية في مجلس الامن الدولي، ولفت ان الولايات المتحدة الاميركية وروسيا وبريطانيا والصين وفرنسا حملوا جميعهم ذات الرسالة الى لبنان، وهي التحذير من مغبة الانجرار الى حرب واسعة مع اسرائيل".
لماذا هذا الاجماع على التحذير؟ يجيب المصدر "ان لبنان بعد التحرير في العام 2000 وبعد حرب العام 2006 صدرت قرارات ثبتت الحق اللبناني في حدوده المعترف بها دوليا، وبالتالي ان نشوب حرب جديدة في ظل جنون غير مسبوق لدى الحكومة الاسرائيلية الحالية قد يغيّر المعادلات، بمعنى اعادة فتح النقاش والتفاوض على ملفات جديدة، بحيث يصبح لبنان من المواضيع المطروحة على طاولة التفاوض التي تجري الترتيبات لإعادة احيائها بدلا من ان يكون جالسا الى الطاولة".
ويكشف المصدر في هذا الصدد "ان زيارة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان إلى بيروت والتي كان عنوانها رئاسيا ولكن مضمونها قيادة الجيش والجنوب والقرار 1701، لذلك؛ فهو توجه الى السعودية قبل وصوله الى لبنان، والبند الاساس هو البحث في ملف الجنوب وتطبيق القرار 1701 والاسراع في حسم الحدود البرية مع لحظ امكان ان توضع مزارع شبعا تحت وصاية الامم المتحدة بانتظار الحل النهائي، كما ان هناك نية اميركية جدية لإقفال ملف الحدود البرية الجنوبية، وهذا الامر سيتحرك اذا نجح مجلس الامن في الاتفاق على قرار لوقف النار في غزة".
ويلفت المصدر الى انه "كلما تقدم مسار العودة الى إحياء مسار التفاوض في المنطقة، كلما سيزداد الضغط على لبنان لانجاز استحقاقاته الدستورية رئاسيا وحكوميا، اما اذا عادت الامور الى التصعيد فالخشية كبيرة جدا من دخول لبنان في المجهول نتيجة تطورات الميدان والتي لا يمكن توقّع مآلاتها".
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك