جاء في "الشرق الأوسط":
يحاول مَن بقي من أبناء منطقة الجنوب اللبناني في أرضه تسيير أعماله وتأمين لقمة عيشه، بعد مغادرة معظم العائلات ونزوحها إلى مناطق أكثر أمناً وتوقف النشاط الاقتصادي بشكل شِبه كامل، وذلك نتيجة القصف المتواصل على البلدات الجنوبية، والذي أدى إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف المدنيين.
وهذا الأمر يعبّر عنه حسين مرتضى، الذي يملك مطعم فلافل صغيراً في جنوب لبنان، حيث يحضر السندويشات للزبائن القلائل، في حين تُحلّق مسيّرة استطلاع إسرائيلية فوق بلدة كفركلا الحدودية شبه المقفرة.
ويقول حسين مرتضى، البالغ 60 عاماً الذي غزا الشيب شَعره ولحيته وهو يغلي الزيت قبل أن يُسقط فيه حبّات الفلافل داخل مطعمه الصغير: «قبل أيام، سقطت القذيفة على مسافة نحو 200 متر من هنا، طالت شظية واجهة المحلّ وهنا في الحائط، وأنا اختبأت خلف الثلاجة».
ورغم ذلك لا يزال حسين مصمماً على البقاء في بلدته، والاستمرار بفتح مطعمه أمام السيارات القليلة التي تمر بالمكان؛ وبينها سيارات الإسعاف. ويؤكد، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «ها نحن هنا تحت القصف، نعمل ولن نغلق. كل جائع نطعمه، من يملك النقود ومن لا يملكها...».
كذلك يختصر علي منصور الوضع بالقول: «باقون في أرضنا... وما دام القصف بعيداً، فنحن نعمل لنحصّل رزقنا». ويقول الرجل الخمسيني، أمام محطة الوقود التي تُشكّل مصدر رزقه الوحيد، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «غادر عدد قليل من السكان القرية، لكننا ما زلنا هنا؛ لأن الأمور، كما يقولون، تحت السيطرة».
ويضيف، خلال وقوفه في مقابل بلدة مسكاف عام الإسرائيلية على الجانب الآخر من الحدود، في حين يُسمع صوت طائرة مسيّرة تحلّق في الأجواء بوضوح: «نحن مواجهون لمسكاف عام. لو كنا خائفين لَمَا بقينا هنا، لكن ما يُقلقنا هو عندما يبدأ الإسرائيلي استخدام القنابل الفوسفورية».
وتتهم السلطات اللبنانية ومنظمات حقوقية دولية القوات الإسرائيلية باستخدام القنابل الفوسفورية، خلال قصفها المناطق الحدودية اللبنانية، لكن منصور يصرّ قائلاً: «نحن باقون في أرضنا. أكيد أن عدد السكان الآن أقلّ، لكن من يملك رزقاً سيواظب عليه».
من جهته بقي عباس علي بعلبكي في بلدته، لكنه اضطر لإغلاق المطبعة الصغيرة التي يملكها، وفي ساحة العديسة الرئيسية قبالة الحسينية يقول، وهو يتابع على هاتفه النقال أخبار القصف الذي يطول القرى الحدودية: لو امتدت الحرب عشرة أشهر أو سنة لن أغادر».
مع العلم بأنه وفق «المنظمة الدولية للهجرة»، فإن أكثر من 64 ألف شخص نزحوا في لبنان، غالبيتهم في الجنوب، في حين قال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إن النزاع أدى إلى «خسائر مادية كبرى» طالت خصوصاً المساكن والمتاجر والبنى التحتية والخدمات في القرى الحدودية، لافتاً إلى أن «النشاط الاقتصادي والأعمال المحلية إما تعطلت أو اضطرت لإغلاق أبوابها أو الانتقال إلى مكان آخر».
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك