كتب نادر حجاز في موقع mtv:
"تشاطَر" جبران باسيل كثيراً في العام 2023. هاجم وخالف وهادن وفاوض، تعامل مع الجميع "عالقطعة"، في صفوف الحلفاء كانوا أم الخصوم.
كان يبدو في موقع المقاتل للحفاظ على موقعه، فانتهاء عهد الرئيس ميشال عون بمثابة مفترق طرق في مستقبله السياسي، والاستحقاق الأول له من دون عمّه الرئيس السابق، وإن كان قد استعان به على منافسيه داخل "التيار"، عندما اشتدت المعارضة وكاد سرّ البيت أن يخرج ويسلبه بعض شرعيته البرتقالية.
لم يتردد باسيل بإعلان انتهاء اتفاق مار مخايل والحاجة إلى إعادة ترميمه. جاءت تصريحاته صادمة ومخيّبة في غالب الأحيان لحلفائه في الضاحية الجنوبية، فأجبرهم أكثر من مرة على الصمت أو زيارته على مضض.
لعب على وتر التناقضات في مقاربة الاستحقاق الرئاسي. عارض ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية "عا راس السطح"، وتمسّك بالورقة البيضاء. والأدهى كان عبوره المسافة الوعرة بينه وبين المعارضة والتقاطع على ترشيح جهاد أزعور، والتمترس للمرة الأولى مع نواب الـ"هيلا هو" في دشمة سياسية واحدة مع حرّاس من معراب "ما ناموا"، فالتجربة لا تسمح لهم بفائض من الثقة بـ"الناكث" بتفاهم معراب الذي جاء بعون رئيساً للجمهورية في العام 2016.
كان يعرف مسبقاً أن لا حظوظ لأزعور، فاستثمر في الوقت الى حين اتضاح الصورة أكثر. وجلساته الصاخبة كلّما فوتح بإسم فرنجية او قائد الجيش جوزيف عون لم تقف عند حدود لقاءاته بالفرقاء اللبنانيين، فحتى أن موعده الأخير مع الموفد الفرنسي جان إيف لودريان لم يصمد أكثر من دقائق.
تناقضات باسيل كانت كثيرة، كأن تراه في "كزدورة" بترونية مع النائب تيمور جنبلاط، أو في زيارة الى منافسه اللدود سليمان فرنجية، أو في جولة طرابلسية لم تسلم من إشكال ورشق بالبندورة.
لم ينجح بإقناع ثنائي أمل وحزب الله بالتخلّي عن فرنجية، فحاول ان يقطع الطريق مسبقاً على بقاء قائد الجيش في اليرزة. جرّب أكثر من مرة "فركشة" التمديد. لا بل فعل المستحيل من أجل منع هذا الأمر. لكن كسره للقطيعة مع بنشعي والسراي الحكومي، وزيارته الخاصة لكل من وليد جنبلاط ونبيه بري، على اثر اندلاع طوفان الأقصى في 7 أكتوبر، لم تكن كافية وكانت "حركة بلا بركة". حتى أنه حرص على لقاء الرئيس نجيب ميقاتي من دون إعطاء أي وعد بإعادة وزراء "التيار" الى حضور جلسات مجلس الوزراء، وزيارة كليمنصو من دون إعطاء أي وعد على خط قيادة الجيش ولا حتى تعيين رئيس للأركان.
لم تُكتب لمساعيه التوفيق، وجلّ ما استطاع "الحزب" أن يفعله معه، حفظاً لماء الوجه، أن يخرج من جلسة التصويت للتمديد. ليخسر الجولة ويبقى جوزيف عون في سدة القيادة، وبالتالي على رأس لائحة المرشحين للرئاسة، طالما لم يخلع البزّة العسكرية بعد.
على طاولة القمار لا بد من موظف يقوم فقط بتوزيع الأوراق على اللاعبين وإدارة اللعبة، لكنه لا يكسب ولا يخسر. وكم كان باسيل يشبه طوال العام المنصرم هذا "الديلر"، فكل المطلوب في هذه المرحلة هو البقاء على الطاولة، ولو متفرّجاً.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك