ليست هذه هي المرة الأولى التي يتحوّل فيها لبنانيّو ساحل العاج الى ضحايا للعصابات والمرتزقة، إذ اعتادوا عند كل تغيير في السلطة على أن تستشري الفوضى وينعدم الأمن، وكأنه قدر اللبنانيين في جميع دول الاغتراب أن يدفعوا الثمن عند كل مفصل.
يتابع أفراد الجالية اللبنانية في أبيدجان، والذين يتجاوز عددهم السبعين ألفاً، بقلق تطورات الأوضاع الميدانيّة بعد أن أصبحوا وممتلكاتهم محط أطماع العصابات المحليّة التي استغلّت الصراع القائم على السلطة بين رئيس الجمهوريّة المنتهية ولايته لوران غباغبو والرئيس المعترف به دوليّاً الحسن واتارا لتلاحق اللبنانيّين وتقتحم منازلهم وتسرق أرزاقهم، من دون أن يجدوا من يردعهم.
الوضع الميداني في اليومين الأخيرين، وفق ما أكده أفراد من الجالية اللبنانيّة لموقعنا سيء جداً. فالقوى الامنيّة عاجزة عن ملاحقة العصابات لانشغالها بالقتال الداخلي. الحدود البريّة والبحريّة والجويّة مغلقة، المطار مقفل والطرقات يقفلها المرتزقة بالخشب والإطارات المطاطيّة مضرمين النار فيها.
وتؤكد مصادر لبنانيّة مطّلعة في ساحل العاج أنّ السفارة اللبنانيّة تلقّت منذ يومين تهديداً من قبل المؤيّدين للحسن واتارا، بحجة دعم عدد كبير من اللبنانيّين لغباغبو، وسط معلومات عن تداخل في المصالح التجاريّة بين هذين الطرفين وهو ما يبرّر هذا الدعم.
تقتحم العصابات المنازل والمحال والمؤسسات والمستودعات التجاريّة المملوكة من قبل اللبنانيّين وتعيث فيها تخريباً ونهباً وسرقة. وقد تعرّضت واحدة من أكبر السوبرماركات اللبنانيّة وهي أوركا (Orca) لعمليّة نهب كبيرة جداً. وعمد بعض اللبنانيّين، خوفاً على مصالحهم، الى دفع أموال لسكان محليّين يتمتّعون بسطوة في محيطهم من أجل حراسة ممتلكاتهم، بعد أن تركهم الموظفون والحراس الذين كانوا يعملون معهم سابقاً.
وتروي سيّدة لبنانية تعيش مع زوجها وأطفالها الثلاث أن شقيقها وشقيقتها فضّلا الانتقال وعائلتيهما للإقامة مؤقتاً مع زوجها وأولادها ريثما يجدون طريقاً للمغادرة أو يتمّ ضبط الوضع. وتوضح أنّ الحقائب موضّبة بانتظار اللحظة المناسبة، على الرغم من أنّ ثمّة حظر تجول مفروض والتنقل أمر في غاية الخطورة.
وتتحدّث شقيقتها عن معاناة اللبنانيين، حيث يتمّ سماع أصوات الصراخ وإطلاق الرصاص في المنازل المجاورة التي تتمّ مهاجمتها. وبخلاف ما تشير اليه وزارة الخارجيّة في بيروت، تؤكد هذه السيّدة أنّ السفارة اللبنانيّة ليست على اتصال بجميع اللبنانيّين هناك، في ظلّ غياب أيّ حماية حقيقيّة للأرواح والممتلكات.
وتحمل سيّدة شابة مقيمة في لبنان ويعيش أشقاؤها وعائلاتهم في ساحل العاج على الحكومة اللبنانيّة ووزارة الخارجيّة التي انتظرت حتى تمّ إغلاق المطار لتعلن عن نيّتها ارسال طائرة لإجلاء الرعايا اللبنانيّين، مشدّدة على أنّه كان ينبغي عليها التحرّك فوراً منذ أن عمّت الفوضى.
وعلى الرغم من حالة القلق والخوف والترقّب التي يعيشها اللبنانيّون في ساحل العاج، إلا أنّ الاتصالات بهم لا تزال مؤمّنة عبر خدمة الانترنت والهاتف الخلوي، في حين توقّفت خدمة الرسائل القصيرة عبر الهاتف لأسباب مجهولة.
غــــــــرد تــــــــعــــــــــــلــــــــيــــــــقــــــــك